ألم تلحظ؟

قصة قصير

من المريح أن نختفي…هكذا نظن..لكن مجرد رفضنا وإغلاقنا الباب في وجه ما نريد يشد حبالنا نحوه اكتر.ألم تلحظ الأمر؟

ضميرك الذي أخاطبه يفسد كتاباتي كلها ،يجعلني مكشوفة جدا ،علّمني كيف أختفي فأنت بارع في تلك اللعبة…

يقرأ الناس رواية منذ الإيقاع الأول،ينتقلون على نوتات زمكانية ، يتلذذون بينما يتحركون بين موج الحدث تلو الحدث،يتوقعون،يصيبون،ويا للمتعة حين تقع المفاجأة ويبرع الراوي في شقلبة المتوقع..هنا يرتفع هرمون السعادة ،ترتسم علامة التميز للعمل الأدبي…أما أنا فملولة لا أهوى الحبك ،أستصعب الصنارة ،تحرقني خيوطها ،ويبرز ضميرك المخاطب كمؤشر دائم يخفي القطب ويكشفها فيبدو ما أكتبه غزل وشعر…ورواية بلا أحداث…موجات فكر ومشاعر دافقة…خذ قسطا من الراحة…وقطعة بسكوت بالحليب لها علامة تجارية مميزة ثلاثة خمسات متتالية..الخمسة رقم الارتباط…تتكرر…لثلاث ثابتة..إنها لعنة بقائك..ألم تلحظ؟صرت مهووسة بهدوء..أبحث لدى جميع من يكتبون عن ضميرهم المخاطب…لم أكن ألحظه بتاتا من قبل…ولكن منذ خاطبتك..اعتراني الفضول… وصرت أجد لديهم جميعا بلا استثناء ضميرا رائعا ،شفافا يعكسهم هم حتما…المخاطبون وهمٌ.. مثلك قساة كالصخر…يصدقون الحياة ويعبدون الضمير القابع في أعلى الرأس ،في أقصى شريان ملاصق للقلب… مع أن الحياة يا سيدي لا تعشق العقلاء ولا يستهويها غير مجنون قرر أن ذراعيه جناحان…وأحب أن يجرب الطيران…فمات.

حين نموت تُفهم الأشياء..تولد الحياة من رحم العدم…ولكننا حين نتجسد يعود الالم..الوهم..الوقت…لا أدري لم أنت تحديدا خارج مسميات هذي اللعبة …فمهما قسوتَ..ومهما أخلصتُ أنا لاتزال قسيم وجود لا أعيه..فأنا لا أبرحك رغم انغماسي..ولا أنكر حضورك حتى في غيابي…

سيسأل الكون يوما ما..من تكون؟

سيكون الجواب أنقى من سماء…وأسطع من شمس ظهيرة..أنت الوجود…الكل…النهاية والبداية..وتكرار الأعوام..وعي الأزل..فمن يريد رجمي ها ذا صدري..وجسدي…مبرحا..عاريا كياقوت..كزمرد أعزل..كلؤلؤ منثور…ستصيب الحجارة صدفي لأولد…أما روحي فأنت..أطلقتها للمدى..فكيف يعود الطير الحر الشجاع لقضبان ؟

سيسألون: كيف تخليتنّ عن الزوج والأبناء عن الوطن عن القوم عن العشيرة عن الأرض عن الجذع عن الشجر عن الجذور عن الثمار عن الورد عن الصبح عن عن…

سأجيب: يا أنت كلهم أنت لا لم أتخلّ…أنت هم..انت انا.

سيسألون: أويستحق كل ذلك..مخادع..هارب…ماكر!

سأجيب: ما خفي اعظم.وأبهى.وأجل.وأكرم.وأصفى.وأنقى.وأسمى.وألطف.وأبقى.

سيسألون: أهو إله..أهو الله ؟

سأجيب: لا يماثل..لا يقارب..لا يشاكل..من مرآته..صورة قداسة..لطف وقبس طار واضطرم حين غفلة! أو حين يقظأنت بتلات البستان المتفرقة لكل فصل باقة ولكل ثوب ياقة في الألم بلسم وفي القسوة جارح في الحب إله وعند الغضب مارد جامح …كأنك الكل في فرد..وصورة النفس..أتعقبك كعطش يرقب الماء..فإما موت أم لقاك!

سأتركك بسلام

للذكرى..لشجر الياسمين..لليل..للصديق…لظل الطريق..للزيتون والزيت العتيق..لنرجسية ميرا..لأولى الزهرات..للسهر..للكتابات..للحب العذري..للأخوة…للكرامة…للصدق..للنبل…قطعت النهر..كانت صخرة عظيمة…هناك كنت أراك على مسافة..حين اجتزت الصخرة تبخرت مسافتنا..نم هنيئا..عم مساء جميلا…سأزرع نفسي لا لأحد هناك في أعلى غيمة..ستعلقني الغيمة نجمة أستحقها على ورق الحياة..طالما أنا الكاتب يحق لي رسم خارطة الحكاية…ألم تلحظ؟

سلاما سلاما سلاما

أغنيتي لك أهدهدها على وقع الليل المضطرب عكس قلبي الهانئ فإني سعيدة بوصلي…سلاما لليمام الراحل..للقلب النقي..رغم الجراح..نقي…رغم الصلابة..نقي…سلاما لصليبك الذي ارتأيته كيما تغضب الاله…كي تبقى صلاتك قائمة..توجهي أعرفه..وقرباني اعترافاتي الدائمة فأنا لا أخجل بك ولا يعيبني خطابي إياك لطالما اعتبرتك قداستي.. وتمنيت حين أفنى لو يتغنى الكون بلحني هذا…إليك..هاذي أغنيتي لك..انظر كيف تتراقص الاشجار حولنا من وقعها…لم أسفك براءتي لا ..ما دام خدري جليا…وعهدي قائما لكل من يحلون لي..أما انت فحل روحي ولو أجمعت نواميس القدر على خلاف ما عاينته..انا مصدقة ما أتوجه به إليك..فها أنا مسجاة على سجاد صلاتي بيدي سبحة فرحي..وكل حبة من اسمك الذي لا ينتهي بلون ساحر وُلد في جبل قاف قبل كل الكائنات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *