صباح الخير يا صديقي

لم يكن للصباح طعم القهوة في طفولتي…
كان له طعم المارشميلو وعصير التانغ وعلكة مسكّرة جدا تملأ الفم كله
لم يكن الصباح تحية منتظرة.. ولا شباك ورد مرسوم على حائطي بخيوط الخيال
في طفولتي كان الصباح قفز وشيطنة خجولة وفستان على شكل زهرة اللوتس وردي حانق يغرق في الأنوثة

لم يكن الصباح دفترا ووشاحا..قلما او دواة الكترونية واصابع ترسل بريد المشاعر والأفكار إلى عالم الافتراض الواسع
في طفولتي كان الصباح زقزقة قلبي مع العصفور ودمعة كآبتي مع قطرة المطر

لم يكن الصباح شغفا حارقا وحبة بنادول تسكّن أرق الليل الحائر
في طفولتي كان الصباح احتمالا لفرح مباغت..وحبّا منتهي الصلاحية بعد يوم…

يا صديقي
يعجبني ملح الحاضر وتستهويني سكاكر الطفولة
انت معنيّ بالأمر كثيرا… كثيرا
ففي جعبتك املاح المحيطات وقصب سكر ألف حقل وحقل
ومعه قفران نحل وعسل مصفى
أيجتمع الملح والحلاوة إلا في صباحك؟
لا تؤاخذني اذًا لو اتخذتك رفيق الصباح الراهن
فأنا لم أعد أدرك محلي تماما من الزمن
عقلي يكبرني بسنوات وسنوات
وقلبي يقفز نحو الداخل إلى وقت أعمق
لم أعد أر الآن مقدار الطفولة الذي أحياه
أظنني عدت إلى ما قبل ولادتي والتقيت بملاك الحب
هو ذاك الموكل بالنفخ في البدن روحا

يا صديقي
أخاف أن أكتب كل الكلام فينقطع حبل الوصال الرقيق الذي خاطته فراشة دون أن تدري
بينما كانت تسكب رحيق الزهر في كأس الانتظار
الانتظار مقدس في شرع صباحي
الخيط الوهمي البراق سِحر انتباهي
آه كم رأيتُ مراكب النجاة تعبر مياهي
تتهادى على صفحاتها ترمقني بعتب
لم أستقلّها كلها…
وفضلت المكوث هنا على شاطئ الانتظار
فقط لألوح لك بمنديلي الأبيض..سلاما وسلاما وسلاما…

يا صديقي سأدع الكثير من الكلمات مخبوءة هنا في صندوق مجوهراتي المزيفة هي وحدها المزيفة أما كلماتي التي وضعتها فيه فلا تثمن… أغلى من الالماس نعم..
لم تلف عنقي قلادة من ذهب خالص إلا سويعات.. وذاب
اما كلماتي تلك فهي تتقلدني للأبد وتتوجني ملكة الجواهر المقدسة
تلك الجواهر التي لا تذوب ولا تضيع

والآن أودّعك على أمل اللقاء
مع قهوة الصباح الباكر
فكن في الانتظار