زلزال

خواطر

لا تفكر طويلا
ضمها بيديك
بصدرك العاري ضمها
وبانقضاض الموت ضمها
وبارتعاش الكلم فوق شفتيك
قل لها كلمتك الأخيرة:
أحبك يا حبيبتي
وكفى…

الموت حق فهل نسيت؟
حتى قهرك ادعيت
أكنت حيا من قبل هذا اليوم؟
أتعرف القضبان أن جسدك الظامئ
هو قدرها الحلو أتعرف؟

يا طيرا غارت من حريته
ضمائر الأشرار
سجنونا وعذبونا بالجوع
ولم يدروا أنهم أنفسهم سجنوا
لم يدروا أن أرواحهم جوّعوا
أكلوا فجاعوا
شربوا فظمئوا
أما أنت …
يا أبي ..
ويا حبيب القلب
رحت في ظمئك ترتوي من بئر الأمل
رحت تشبع من كسرات الخبز الملطخ بالوحل

ضمها ..
ها هي ترتعش من بين الأنقاض..
طفلة مجروحة والورد متفتح فوق جبينها
أم أنبتت وليدها من حبل متصل بين الأرض
والركام!
صبي رسمته الحجارة كلوحة جدارية
صارخة أبد الدهر
أبد الدهر تصرخ:
ها نحن هنا…
خذوا أحلامكم من موتنا
تلذذوا بصوتنا
ونحن نلتهب ..
ها نحن نفرغ من حطامنا الأخير
ها نحن نشرق من ليلنا الأخير
ها نحن نعود ونعود ونعود
وانتم ؟
ماذا فعلتم .. سوى أنكم اخترتم الفناء
في لذة البقاء.. في نشوة الثراء ..
في لذة الثراء .. في نشوة البقاء..

الأرض أرحم من سرير الذكريات
أمسكم ذكرياتنا الخطيرة
عن لعبة حقيرة ..
لعبة المال والذهب
أفيونكم دمار..
وصوتكم دمار..
حاضركم دمار..
وها هو المستقبل يقول : أنتم الدمار..

ونحن  ..
نحن الصغار ..
نحن طفولة النهار .. 
ومسكن الحرية وقلم الحرية..

الأرض أرحم بثورانها
من عناقكم المشبوه
وجوفها أدفأ
وحضنها أرأف
هي تريد أن تعصف من جديد
وتبعث دماءنا الراكدة في الوريد
وتبحر بخرائطنا لبحرها البعيد .. البعيد ..

لا تفكر طويلا
ها هو المدى يفتح ذراعه
لعصرنا نحن ..
لأرواحنا .. نحن
نحن الذين لم نغرف الذهب
لا نذبح أحد
لا نقتل احد
لا نسرق أحد
لكنه ذهبي عصرنا
يلمع عصرنا
كأنه الياقوت .. هلموا
لتغرفوا الياقوت من جوفنا
ما زال الوقت متاحا كي تندموا
كي ترجعوا
كي تهبطوا
للأرض
كي تدفنوا أطماعكم
في الأرض
كي تفرحوا بموتكم مثلنا
كي تجردوا تماثيلكم
من نزوة الحرب
كي تحرقوا أطماعكم
في الأرض

عودوا من مشهد الدمار
كما ولدتكم امهاتكم عراة
واحرار
ولكن..
هيهات .. هيهات
أن تسمعوا الصغار..
من هم في عيونكم صغار
يا كباااار…
مازالت تثيرنا الأشعار
وتبكينا..
وتحيينا..
كما يحيينا كل هذا الدمار..


لا تفكر طويلا .. يا أبي
ضمها بيديك..
بصدرك العاري ضمها
واشفها بدعاء من قلبك
من رعشة شفتيك
وبانقضاض الموت ضمها






4 thoughts on “زلزال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *