على شرفة منزلها
أصيص وردٍ
أصيص ريحان
وياسمينة ثملت زهراتها البيضاء
من خمرة النسيان
فنجان قهوة
أو ربما إثنين
وفي البال وحده
يرشفُ مرتين
مرّة إذا أشرقت شمسه الحلوة
على تلال القبلتين
في الشرق قِبلة
وفي الغرب قُبلة
من شفتين
ومرة أخرى حين يسطع الوادي
من دمعتين
كزيتون بلادي
على شرفة منزلها
دمع أينع العطر المبخّر
مقعد لليل ساهر ولا يضجر
حبّ كطفولةٍ تحلمُ بالحب
ترسم الأشجار
في كل درب
تعانق الأفراح
وتطرد الأشباح
على شرفة منزلها
تولد الكلمات
وتخرج للفجر آية
تهزم العصيان
تضمر الكتمان
شيء مقدس يشبه القرآن
يا شرفة القدر
وهزيمة الأزمان
يا محنة العمر
ومهبط الإلهام
هل عقلتِ كيف تبنى للعشق صومعةٌ
ويجمع الناسك كل صلاة الكون
أرأيتِ كيف يُخلص القلب المعذب
معذب من جفون اللوم
هل فطنتِ كيف يحيا الموت
في رؤانا .. ترسم غيم سمانا
ها نحن مثلها..
نمضي قليلا ثم نختفي كالنوم
على شرفة منزلها
تولد زهرة أولى
في مطلع نيسان
يثور شذاها الناعم
وكأنه البركان
يفتك بالوقت
يسحر المكان
يوشوش في أذن خجول:
“إنه الحب البتول”
ثم يغفو إعصار عطرٍ على وسادتها..
والليل يطول ..
على شرفة منزلها
ضيف جديد
يسكن في مساكب الدحنون
يبسمُ مثل أزرارها
من لمسة النسائم الحنون
تحرك بتلاته كلماتها
يجمع ضحكاتها
ويقطّرُ مع روحه همساتها
هناك
على شرفة منزلها
يُخلص البلبل الأشقر
لحقله ولعشّه الأخضر
يسكب كل فجر في كؤوسنا
خمرا صافيا أحمر
نثمل منه كي نستفيق
من سكرة الطريق
وبعدها يخفق الحب في جنحنا
طير طليق
يرشف من كل وردة رحيق
العمر يخذلنا والشيب صبح داهمت خيوطه خاطرنا
فهلمي يا خليلة شرفتنا
هلمي نحو بساتين العنب
كي نجمع الذهب
هلمي بنا نتسلق الجبال البعيدة
كي نجمع قصيدة
اتركي الشرفة
لن تبقى وحيدة
إنها سعيدة
في بالنا سعيدة
يا صديقة العمر القصير
إنّ دربنا درب خطير
أتذكرين
يوم راح إلى الفلك وحده
مغامر شق طريق المنحدر
بات جائعا وعريانا
لكنه كرّ علوّا لم يفرّ
أُسْلِب خبزه والثوب
وماء وجهه الأصفر
صار مردادا لقول الحق
حتى الممات
ليس صخرا من رفات
يا شرفة العمر وقنديل الحياة
كي نرى النور سنشعل رغباتنا
هلمي نزرع معا نمشي معا
نسري كضوء في الزمن
إنّ هذا العمر وهم
فلنذق عطر الوهن
كيما نطيب
كما يطيب إعصار عطر
بالحب الخصيب
1 thought on “إعصار عطر”